رسالة من جد إلى حفيده

حفيدي العزيز!
أهلاً وسهلاً ومرحباً بك في هذا العالم، فهذا مكان مزين بالروعة والجمال والدهشة، وقد تم إرسالك إليه لتزيده روعة وجمالاً.
نحن نمتلك جميعاً هنا وقتاً محدوداً، وهو - إن كان كثيراً - يبدو دائماً أقل.
هذا العالم يحمل في طيه الشيء الكثير مما يمكنك رؤيته ومعرفته وتجربته، حتى إنه ليس لديك قليل من الوقت تضيعه.
الإمكانيات كثيرة، لا يأتي عليها العد والإحصاء.
يمكنك أن تكون كل شيء، وتستطيع أن تقوم بأي شيء، وتقدر على تغيير مصير هذا العالم.
جرب شيئاً جديداً كل يوم، وحاول أن تتعلم وتفهم شيئاً جديداً كذلك، وإن اختلط عليك أمر من الأمور فتذكر...إن من الأفضل دائماً أن تندم على شيء بعد القيام به بدلاً من أن تندم عليه دون فعله، لأنك إن لم تجد أي فائدة من خلال القيام بشيء، فسوف تكتسب الخبرة لا محالة، والخبرة هي شيء قيم للغاية.
جرب كل شيء، ولكن لا تدمن على أي شيء.
الخبرة سوف تساعدك على تمييز الصواب من الخطأ، وتمنعك من ارتكاب الأخطاء، ولكن لا تخف ارتكاب الأخطاء، فإن الأخطاء لا تصدر إلا عن الذين يفعلون شيئاً.
تحمل المسؤولية عن أخطائك، وحاول أن تتداركها.
اعف عن أخطاء غيرك من بني الإنسان، وامنحه فرصة لتداركها.
لا أحد يرتكب الأخطاء عن قصد، ولا أحد يسيء التصرف عن قصد كذلك.
لا يدري أحد من البشر ماذا يحدث في حياة من، فلهذا تعامل مع الجميع بالطريقة التي تتعامل بها مع نفسك، وتساهل مع غيرك من بني الإنسانية كما تستاهل مع نفسك.
احترم الجميع، وثق بالجميع، والأهم من كل ذلك هو أن تحب الجميع، فإن هذا العالم يعوزه الحبُّ جداً، والجميع في حاجة إليه، وسوف تحتاج أنت أيضاً إليه، فلا تتردد في طلبه، ولا تتردد في الإعراب عنه كذلك.
الحياة قصيرة جداً لأن تكون أنت خجولاً، فتوسع في الرقص كأنك لا تعيش غداً، وتشدق بالغناء، وكل بقدر ما تستطيع حتى تشبع، واضحك بملء شِدقيك، وارفع صوتك بالبكاء دائماً مثل طفل، تماماً مثلما كنت تفعله آنفاً على التليفون.
يجب ألا تكبر إلا بجسدك فحسب لا بقلبك، ففي اليوم الذي تفقد فيه طفولتك وبراءتك تفقد حياتك أيضاً.
فكر في مستقبلك، ولكن لا تقلق عليه أبداً.
تذكر ما مضى من الأيام، ولكن لا تستغرق فيه.
ستأتي في حياتك بعض أيام السراء وبعض أيام الضراء كذلك، فلا تتباهَ كثيراً عندما تتمتع بأيام السراء، ولا يتسرب اليأس إلى قلبك حينما تواجه أيام الضراء.
لا تُعِدْ الفضل كله في نجاحك إلى نفسك، ولا تعتبر الآخرين مسؤولين عن فشلك أبداً.
حفيدي العزيز!
واصل التقدم فحسب، واستمر في نشر السعادة، وتذكر دائماً أنك أرسلت إلى هذا العالم بسبب واحد فقط، هو أن تزيد هذا العالم رونقاً وبهاء.
مع الكثير من الحب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حیاتِ متنبی اور اُس کی شاعری

مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية

أبيات بشار بن برد في الشورى والجد والمعاشرة