مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية
التعريف بتوفيق الحكيم:
"أملي أكبر من جَهدي، وجَهدي أكبر من موهبتي، وموهبتي سجينة طبعي، ولكنّي أقاوم." (توفيق الحكيم)
أديب وروائي وكاتب مسرحي مصري، يعد من رواد الأدب الحديث وفن الكتابة المسرحية. وصفه النقاد بأنه “رائد المسرح الذهني”، ألف نحو 100 مسرحية و62 كتاباً.
ويُعد الحكيم من الأسماء البارزة في تاريخ الأدب العربي الحديث، وأحد الرموز الفكرية إلى جانب العقاد وطه حسين ونجيب محفوظ، في فترة شهدت فيها مصر حركة ثقافية هامة، أثرت على المنحى السياسي الذي استقطب بعضهم لخدمته.
عاصر الحربين العالميتين 1914 – 1939، وعاصر عمالقة الأدب في تلك الفترة مثل مصطفى صادق الرافعي وطه حسين والعقاد وأحمد أمين وسلامة موسى، وعمالقة الشعر مثل أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وعمالقة الموسيقى مثل سيد درويش وزكريا أحمد والقصبجي، وعمالقة المسرح المصري مثل جورج أبيض ويوسف وهبي والريحاني. كما عاصر فترة انحطاط الثقافة المصرية (حسب رأيه) في الفترة الممتدة بين الحرب العالمية الثانية وقيام ثورة يوليو 1939 – 1952.
مَولد توفيق الحكيم ونشأته:
وُلد توفيق الحكيم في الإسكندرية صيفاً عام 1898م، وقيل في 1897م، وقيل في 1902م، وقيل في 1903م، وقد عاش مع والده في مزرعة تقع في محافظة البحيرة على طريق مدينة دمنهور، كما أنّ والديه كانا من أصول مُختلفة، وربّما اعتبر هذا سبباً في التّقلبات التي مر بها توفيق؛ فكانت أمّه تحاول دائماً إخراجه من القالب الذي يعيش فيه وبشكل لا يُناسب لُيونة ذِهنه كَطِفل، فانتقل من حالة النّشاط والحيويّة التي يصحبها الذِّهن المرن والفِكر الخياليّ اللذين يُواكبان العقل إلى حالة الانعزال والانغلاق على نفسه؛ ليكوّن بعدها شخصيّة ذاتيّة له.
تعليمه الأساسي:
ارتاد الصبي المدرسة الابتدائية في عامه السابع، فالتحق بمدرسة دمنهور الابتدائية، وظل يُكمل تعليمه الابتدائي حتى تخرج من مدرسة دمنهور في عام 1915م تقريباً. وقد كان للمدرسة دور كبير في صقل مهاراته وتفتح مداركه.
ولما أراد والداه أن يُكمل تعليمه الثانوي، وبعد معارضة كبيرة من الأم ذات الأصول التركية، قررا إرسال الصبي لأعمامه في مدينة القاهرة، حيث لم يكن بمدينة دمهنور مدرسة ثانوية، وفي القاهرة التحق توفيق الحكيم بمدرسة محمد علي الثانوية وأقام مع أعمامه مقابل ما يرسله الأب للأعمام شهراً من نفقة.
استمر الفتى في دراسته في المرحلة الثانوية حتى قامت ثورة عام 1919م بقيادة القائد الشعب لهذه الثورة سعد زغلول، وقد تفجرت في نفسه مشاعر الوطنية وحب الوطن حينها، فانضم للشعب في ثورته آنذاك.
اعتقاله إبان ثورة 1919:
في عام 1919م مع الثورة المصرية شارك مع أعمامه في المظاهرات، وقبض عليهم واعتقلوا بسجن القلعة، إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه.
حضور المسارح وتأثره بمسرح جورج أبيض:
أظهر منذ صغره حباً وولعاً بالآداب، وكان يرتاد المسارح ويهتم بحضور العروض للممثلين المشهورين في ذلك الزمان مثل جورج أبيض، حتى إنه كتب عدة مسرحيات قصيرة وهو في المرحلة الثانوية وكان أصدقاؤه يقومون بتأديتها.
وفي عام 1922م، أخرج توفيق الحكيم، وقد كان صغير السن وقتها، عدداً من المسرحيات التي تم عرضها على مسرح الأزبكية من قبل فرقة عكاشة. أخرج أكثر من مسرحية في ذلك الوقت مثل مسرحية "علي بابا"، ومسرحية "خاتم سليمان"، ومسرحية "العريس".
الكتابة باسم مستعار في بداياته:
بدأ الكتابة باسم مستعار "حسين توفيق"، إذ كانت الكتابة أمراً تافهاً وغير مستحب بالنسبة للعائلات الكبرى، وفي ذلك الوقت كتب مسرحية "الضيف الثقيل" وتم تجسيدها بالمسرح العام، وكانت تشير إلى الروح القومية متزايدة الحماس في تلك الفترة في مصر إبان ثورة 1919. كما كتب، في العديد من المجالات، القصص القصيرة، والمقالات، وكلمات لأغانٍ وطنية.
تعليمه الجامعي:
كان توفيق الحكيم في بادئ الأمر يريد أن يدرس في كلية الآداب لكي يستطيع تنمية شغفه ومهاراته في الكتابة المسرحية والروائية، ولكن إرادته تعارضت مع إرادة والده، فقد أراد والده أن يُدخله كلية الحقوق حتى يحذو على نفس دربه، وبعد صراع كبير لم يجد توفيق بداً من التحاقه بكلية الحقوق.
لم يكن يوماً طالباً نابغاً طوال مسيرته التعليمية في كلية الحقوق، بل كان طالباً عادياً، يُكافح من أجل أن يتخرج من هذه الكلية. وبالفعل، وفي عام 1925م تخرج الشاب من كلية الحقوق وحصل على الليسانس، وفي هذه الوقت بحث عن وظيفة ولكنه لم يُوفق، فأشار صديق والده السياسي أحمد لطفي السيد عليه أن يُسافر إلى فرنسا لكي يُكمل دراسته في الحقوق حتى يحصل على درجة الدكتوراه.
سفره إلى فرنسا ودراسته أساسيات المسرح اليوناني:
بعد أنه أنهى دراسته بكلية الحقوق في عام 1925م أراد والده أن يحصل على درجة الدكتوراه في الحقوق من باريس، فأرسله إلى فرنسا ليبتعد عن المسرح ويتفرغ لدراسة القانون بكلية الحقوق، ولكنه، خلال إقامته في باريس لمدة 3 سنوات، اطلع على فنون المسرح الذي كان شُغله الشاغل؛ واكتشف الحكيم حقيقة أن الثقافة المسرحية الأوروبية بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني، فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم كما اطلع على الأساطير والملاحم اليونانية العظيمة.
انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم:
عندما قرأ توفيق الحكيم أن بعض لاعبي كرة القدم دون العشرين يقبضون ملايين الجنيهات قال عبارته المشهورة: "انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم؛ لقد أخذ هذا اللاعب في سنة واحدة ما لم يأخذه كل أدباء مصر من أيام إخناتون".
عودته من فرنسا إلى مصر بعد ثلاث سنوات:
عانى الحكيم من صدمة ثقافية عكسية عندما أجبره والده على العودة من باريس إلى مصر، بعد ثلاث سنوات، وعند عودته إلى مصر عمل نائباً للمدعي العام، وانتقل بين مختلف الأقاليم المصرية في الفترة الممتدة بين 1928 و1934، واستمد إلهامه لروايته الشهيرة "يوميات نائب في الأرياف" التي نُشرت في عام 1937 من هذه التجربة.
حياة توفيق الحكيم الشخصية:
تزوج الحكيم فولدت له زوجته ابناً وابنة، توفيت زوجته في عام 1977، وتوفي ابنه في حادث سير عام 1978، ولم يبقَ له سوى ابنته الوحيدة لحين وفاته في عام 1987.
ديانة توفيق الحكيم:
وأما من حيث ديانة توفيق الحكيم ومعتقداته وطائفته الأصلية ، فقد ولد لعائلة مسلمة.
وظائف توفيق الحكيم ومسؤوليّاته:
فيما يلي ذِكْرٌ لأهمّ الوظائف والمسؤوليّات التي تولّاها توفيق الحكيم:
شغلَ منصب وكيل للنائب العام في المحاكم المُختلطة، ومن بعدها المحاكم الأهليّة في الإسكندريّة.
شغلَ منصب مدير التحقيقات في وزارة المعارف في عام 1934م.
كان مديراً في وزارة الشؤون الاجتماعيّة في مصلحة الإرشاد الاجتماعيّ.
عَمل في صحيفة أخبار اليوم التي كان ينشرُ فيها العديد من مسرحيّاته.
أصبح مديراً لدار الكُتُب المصريّة في عام 1951م .
تمّ تعيينه كعضو مُتفرِّغ للمجلس الأعلى لرعاية الأدب، والفنون.
تمّ تعيينه كمُمثِّل لمصر في مُنظَّمة اليونسكو.
الجوائز التي حصل عليها توفيق الحكيم:
حصل توفيق الحكيم على قلادة الجمهورية من الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وذلك لمساهمته الأدبية وخاصة في رواية "عودة الروح" التي كانت مصدر إلهام له في الانقلاب الذي قام به، وكان ذلك عام 1958م
كما حصل على جائزة الدولة التقديرية وذلك نظراً لإسهاماته الكبيرة والمتعددة في المجال المسرحي والدراما، وكذلك في الجانب الروائي والفني، وكان ذلك في عام 1962م.
أعمال توفيق الحكيم المسرحيّة:
يذكر الكاتب حميد علاوي في كتابه "نظريّة المسرح عند توفيق الحكيم" أنّ الحكيم كان مُتفتِّحاً على أمور المسرح أثناء مرحلة الدراسة الثّانويّة، فقد كان طالباً وكاتباً في آن واحد، وظهر توجُّهه للكتابة في الفنّ المسرحيّ تحديداً بعد الحرب العالميّة الأولى، وتَذكُر الكاتبة تمارا إلكساندروفنا بوتينتسفيا في كتابها "ألف عام وعام على المسرح العربيّ" أنّ جيمس أولدريج كان يعدّ الحكيم أحد أبرز كُتاب المسرح في العالم، ومن الجدير بالذِّكر أنّ الحكيم أضاف للمكتبات العربية العديد من المسرحيّات التي ساهمت في إثرائها، وفيما يلي أعماله المسرحيّة:
مسرحيّة أمام شبّاك التذاكر
مسرحيّة الضّيف الثقيل كتبت عام 1919م.
مسرحيّة المرأة الجديدة كتبت عام 1924م.
مسرحيّة بجماليون كتبت عام 1942م.
مسرحيّة أهل الكهف نشرت عام 1933م.
مسرحيّة أهل الفنّ نشرت عام 1934م.
مسرحيّة صلاة الملائكة ظهرت عام 1941م.
مسرحيّة الرَّجل الذي صمد
مسرحيّة شهرزاد كُتبت عام 1934م.
مسرحيّة مُحمّد، وهي سيرة حواريّة كُتبت عام 1936م.
مسرحيّة براكسا، أو المُسمّاة بمشكلة الحكم، والتي كُتبت عام 1939م.
مسرحيّة سليمان الحكيم، وكُتبت عام 1943م.
مسرحيّة الملك أوديب، والتي كُتبت عام 1949م.
مسرحيّة إيزيس كُتبت عام 1955م.
مسرحيّة الصّفقة كُتبت عام 1956م.
مسرحيّة لعبة الموت كُتبت عام 1957م.
مسرحيّة أشواك السّلام كُتبت عام 1957م.
مسرحيّة رحلة إلى الغد كُتبت عام 1957م.
مسرحيّة الأيدي النّاعمة كُتبت عام 1959م.
مسرحيّة السّلطان الحائر، وكُتب عام 1960م.
مسرحيّة يا طالع الشّجرة كُتبت عام 1962م.
مسرحيّة الطّعام لكلّ فم كُتبت عام 1963م.
مسرحيّة شمس النّهار، والتي كُتبت عام 1965م.
مسرحيّة مصير صرصار كُتبت عام 1966م.
مسرحيّة الورطة كُتبت عام 1966م.
مسرحيّة مجلس العدل كُتبت عام 1972م.
مسرحيّة الدّنيا رواية هزليّة، والتي كُتبت عام 1974م.
مسرحيّة الحمير كتبت عام 1975م.
وبالرغم من هذا العدد الكبير، قلةٌ منها يمكن تمثيلها على خشبة المسرح، فمسرحياته كُتبت لتُقرأ، وحملت مسرحياته كماً هائلًا من الدلالات والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع العربي.
السلطان الحائر:
هي المسرحية التي كتبها توفيق الحكيم قبل حوالي ستين عاماً (تحديداً عام 1960)، وصدرت في نفس التوقيت بالفرنسية تحت عنوان "الاختيار"، وتحكي المسرحية قصة أحد سلاطين العصر المملوكي الذي ملأ الأرض عدلاً ورفاهية وازدهاراً حتى أصبح زعيماً حقيقياً يتغنى الشعب باسمه ويفدونه بأرواحهم، وقد بنى السلطان مجده هذا عبر سنوات طويلة من العرق والكفاح، والاتصال المستمر مع شعبه بتواضع وحب ومسئولية، فقهر المغول، وخفض الضرائب وبنى الجسور والمدارس، ووفر سبل الحياة الرغيدة للجميع، وفي أوج مجده وانتصاراته ونهضته العظيمة خرج بين الناس رجل يطعن في شرعية تولي السلطان الحكم، وقال: إن السلطان الحالي كان عبداً رقيقاً لدى السلطان المنوفي، وإن السلطان الراحل لم يمهله القدر ليعتق عبده المملوك... وبالتالي فهو عبد مملوك ليس له الحق في الحكم.
المسرح الذهني:
يُعدُّ المسرح أباً للفنون وأوّلها، حيثُ كان الوسيلة التي يتم التعبير فيها فنياً بعد السباقات وحلبات المُصارعة، ويُعرَّف المسرح تقليدياً بأنّه شكل من أشكال الفنون المتعددة بحيث يتم ترجمة النّص المكتوب بشخصيّاته ومواقفه المُبتدعة من مؤلّفها بعرض تمثيليّ شائقٍ مُتكامل يُؤدّى على خشبة المسرح. الشعوب العربيّة لم تعرف فن المسرح كالإغريق والرومان لقيام الشعر العربيّ بتأدية غرض التعبير عن خلجات النّفس ونوازعها ورُؤاها الفكريّة، فدخول المسرح عربياً قامَ على احتكاكهم بالغرب حيثُ ظهرت بذوره على يد مارون النّقّاش، وبرز بعد ذلك مصطلح المسرح الذّهني ويعني مسرح مقروء غير قابل للتمثيل لصعوبة أدائه مع إمكانيّة تخيُّل أحداثه وتصوّرها، فكان هذا التخيُّل الروائيّ نوعاً فكرياً مُرتبطاً في الأدب العربيّ بالكاتب توفيق الحكيم.
رائد المسرح الذهني:
وبالرغم من الإنتاج المسرحي الغزير للحكيم، الذي يجعله في مقدمة كتاب المسرح العرب وفي صدارة رواده، فإنه لم يكتب إلا عدداً قليلاً من المسرحيات التي يمكن تمثيلها على خشبة المسرح ليشاهدها الجمهور، وإنما كانت معظم مسرحياته من النوع الذي يمكن أن يطلق عليه "المسرح الذهني"، الذي كُتب ليُقرأ فيكتشف القارئ من خلاله عالماً من الدلائل والرموز التي يمكن إسقاطها على الواقع في سهولة ويسر؛ لتسهم في تقديم رؤية نقدية للحياة والمجتمع تتسم بقدر كبير من العمق والوعي.
وهو يحرص على تأكيد تلك الحقيقة في العديد من كتاباته، ويفسر صعوبة تجسيد مسرحياته وتمثيلها على خشبة المسرح؛ فيقول: "إني اليوم أقيم مسرحي داخل الذهن، وأجعل الممثلين أفكاراً تتحرك في المطلق من المعاني مرتدية أثواب الرموز... لهذا اتسعت الهوة بيني وبين خشبة المسرح، ولم أجد قنطرة تنقل مثل هذه الأعمال إلى الناس غير المطبعة".
مسرحيات توفيق الحكيم الذهنية:
كتب الحكيم الكثير من المسرحيات الذهنية من أشهرها:
مسرحية "أهل الكهف"، ونشرت عام 1933م.
تعتبر هذه المسرحية الذهنية من أشهر مسرحيات الحكيم على الإطلاق، وقد لاقت نجاحاً كبيراً، وطبعت هذه المسرحية مرتين في عامها الأول كما ترجمت إلى الفرنسية والإيطالية والإنجليزية، وهذا أكبر دليل على شهرتها.
مسرحية "بيجماليون"، ونشرت عام 1942م.
وهي من المسرحيات الذهنية الشهيرة للحكيم، وهي من المسرحيات التي اعتمد فيها الحكيم على الأساطير، وخاصةً أساطير الإغريق القديمة.
مسرحية "براكسا" أو "مشكلة الحكم"، ونشرت عام 1939م.
وهي أيضاً مستقاة من التراث الإغريقي.
مسرحية "محمد"، ونشرت عام 1936.
لم تتجل الموهبة العبقرية للحكيم كما تجلت في مسرحيته "محمد" وهي أطول مسرحياته بل أطول مسرحية عربية.
خصائص مسرح توفيق الحكيم:
يمكن أن نجمل أهم مميزات مسرح توفيق الحكيم فيما يلي:
1- التنوع في الشكل المسرحي عند الحكيم، حيث نجد في مسرحياته: الدراما الحديثة، والكوميديا، والتراجيوكوميديا، والكوميديا الاجتماعية.
2- جمع الحكيم بين المذاهب الأدبية المسرحية في كتاباته المسرحية، حيث نلمس عنده: المذهب الطبيعي والواقعي والرومانسي والرمزي.
3- نتيجة لثقافة الحكيم الواسعة واطلاعه على الثقافات الأجنبية أثناء إقامته في فرنسا فقد استطاع أن يستفيد من هذه الثقافات على مختلف أنواعها. فاستفاد من التراث الأسطوري لبعض هذه الثقافات، ورجع إلى الأدب العربي أيضاً لينهل من تراثه الضخم ويوظفه في مسرحياته.
4- استطاع الحكيم في أسلوبه أن يتفادى المونولوج المحلي الذي كان سمة من سبقه، واستبدله بالحوار المشع والحبكة الواسعة.
5- تميزت مسرحيات الحكيم بجمال التعبير، إضافة إلى حيوية موضوعاتها.
6- تزخر مؤلفات الحكيم بالتناقض الأسلوبي، فهي تلفت النظر لأول وهلة بما فيها مـن واقعية التفصيلات وعمق الرمزية الفلسـفية بروحها الفكهة وعمق شاعريتها… بنزعة حديثة مقترنة في كثير من الأحيان بنزعة كلاسيكية.
7- مما يؤخذ على المسرحيات الذهنية عند الحكيم مسألة خلق الشخصيات، فالشخصيات في مسرحه الذهني لا تبدو حيةً نابضةً منفعلة بالصراع متأثرةً به ومؤثرةً فيه.
8- تظهر البيئة المصرية بوضوح في المسرحيات الاجتماعية، ويَبرُز الحكيم فيها من خلال قدرته البارعة في تصوير مشاكل المجتمع المصري التي عاصرتها مسرحياته الاجتماعية في ذلك الوقت، وأسلوب الحكيم في معالجته لهذه المشاكل.
9- ظهرت المرأة في مسرح توفيق الحكيم على صورتين متناقضتين، كان في أولاهما معادياً لها، بينما كان في الأخرى مناصراً ومتعاطفاً معها.
10- يمكن أن نستنتج خاصية تميز مسرح الحكيم الذهني بصفة خاصة ومسرحه الاجتماعي ومسرحه المتصف بطابع اللامعقول بصفةٍ عامة وهي النظام الدقيق الذي اتبعه في اختياره لموضوعات مسرحياته وتفاصيلها، والبناء المحكم لهذه المسرحيات الذي توصل إلى أسراره بعد تمرس طويل بأشهر المسرحيات العالمية.
مراحل تطور الفنّ المسرحيّ عند توفيق الحكيم:
تميّز توفيق الحكيم بكثرة تجاربه للتيّارات الأدبيّة المُختلفة على قدر جعل الدّارسين لأسلوبه الكتابيّ يجدون صعوبة في تصنيف مُؤلّفاته الأدبيّة، وفي هذا الجانب يرى الدّكتور مندور أنّ الحكيم عَمِل على تطوير أسلوبه في الفنّ المسرحيّ ضمن ثلاث مراحل، وهي:
مرحلة مسرح الحياة:
هي المرحلة الكتابيّة لتوفيق الحكيم التي تقع بين فترة (1943-1951م)، حيث تمّ جمع مسرحيّات الحكيم فيها ضمن سلسلتين، وهما: "مسرح المُجتمع"، و"المسرح المُنوّع"، وكانت هذه المسرحيّات تتطرّق إلى السّلوكات الاجتماعيّة، والأخلاقيّة، وتورد رأي الحكيم في الحياة الاجتماعيّة فيها، ومن وجهة نظر الدّكتور مندور أنّ بعض مسرحيّات الحكيم في هذه الفترة كان من الأفضل أن تكون ضمن المسرح الذّهنيّ، وذكر منهنّ مسرحيّة "لو عرف الشّباب".
مرحلة المسرح الذّهنيّ:
تتضمّن هذه المرحلة في حياة الحكيم الكتابيّة الأفكار الذِّهنيّة التي نُوقشت بطابع دلاليّ، بالإضافة إلى اعتماده التّجريد في النّص المسرحيّ بدل الصّراعات المادّيّة، ومن المسرحيّات التي تتناولها هذه المرحلة مسرحيّة "أهل الكهف"، ومسرحيّة "شهرزاد"، ومسرحيّة "بجماليون".
مرحلة المسرح الهادف:
تتناول هذه المرحلة النّصوص المسرحيّة التي ألّفها توفيق الحكيم بعد عام 1952م، وتحمل رُوحاً وفلسفة جديدة في فِكر الحكيم، فهو عمل على تأكيد فكرة القيادة في الحياة من خلال إسقاطها على نصّ دراميّ، وهذا على خلاف السّابق من إظهاره لحقائق الحياة ونقده لأحداثها، ومن الأعمال المسرحيّة للحكيم في هذه المرحلة مسرحيّة "الأيدي النّاعمة"، ومسرحيّة "الصّفقة"، ومسرحيّة "أشواك السّلام".
أعمال توفيق الحكيم الأخرى:
الرّوايات والقصص القصيرة:
القصر المسحور، وهذا العمل مُشترك مع الأديب طه حسين، وكُتب عام 1936م.
يوميّات نائب في الأرياف، والذي كُتب عام 1937م.
أشعب الذي كُتب عام 1938م.
عهد الشّيطان، وكُتب عام 1938م.
راقصة المعبد، وكُتب عام 1939م.
الرّباط المُقدّس، كُتب عام 1944م.
عدالة وفنّ، كُتب عام 1953م.
ثورة الشّباب، والذي كُتب عام 1975م.
بنك القلعة، وهي رواية مسرحيّة، وكُتب عام 1976م.
الأعمال الفكريّة، والأدبيّة:
تحت شمس الفكر، كُتب عام 1938م.
حماري قال لي، كُتب عام 1938م.
من البُرج العاجيّ، كُتب عام 1941م.
تحت المصباح الأخضر، كُتب عام 1942م.
شجرة الحكم، الذي كُتب عام 1945م.
فن الأدب، وكُتب عام 1952م.
تأملّات في السّياسة، وكُتب عام 1954م.
التّعادليّة، وكُتب عام 1955م.
قالبنا المسرحيّ، وكُتب عام 1967م.
عودة الوعي، وكُتب عام 1975م.
في طريق عودة الوعيّ، والذي كُتب عام 1975م.
بين الفكر والفنّ، وكُتب عام 1976م.
أدب الحياة، وكُتب عام 1976م.
تحديّات سنة 2000، وكُتب عام 1980م.
التّعادليّة في الإسلام، وكُتب عام 1983م.
مِصر بين عهدين، وكُتب عام 1983م.
أعمال مُتفرّقة:
نشيد الإنشاد، وكُتب عام 1940م.
حمار الحكيم، وهو عبارة عن حِوار كتبه عام 1940م.
سلطان الظّلام، وكُتب 1941م.
زهرة العمر، وهي سيرة ذاتيّة كُتبت عام 1954م.
رسائل، وكُتب في عام 1954م.
رحلة الرّبيع والخريف، وهذا شِعر نُظم عام 1964م.
سجن العمر، وهي عبارة عن ذكريات لتوفيق الحكيم كُتبت عام 1964م.
رحلة بين عصرين، وهي ذكريات لتوفيق الحكيم كُتبت عام 1972م.
حديث مع الكوكب، وهو عبارة عن حِوار فلسفيّ كُتب عام 1974م.
مختار تفسير القرطبيّ، وكُتب عام 1977م.
ملامح داخليّة، وهو حوار مع المُؤلّف كُتب عام 1982م.
مميزات مؤلفات توفيق الحكيم:
أصبحت مؤلفات توفيق الحكيم مميزة بسبب الأسلوب الكتابي الممزوج بين الواقعية والرمزية.
تميزت بأنها يغلب عليها الخيال والعمق، وليست غامضة أو معقدة، وكان الرمز في الأدب واضحاً ليس غارقاً في الغموض.
وقد أصبح توفيق الحكيم بارعاً في ابتكار الشخصيات ووظف فيها الأسطورة أو التاريخ، وقد كشف ذلك الإبداع عن مهارته الفائقة في اختيار القوالب الأدبية التي يصب إبداعه فيها في المسرحيات.
تميزت مؤلفات توفيق الحكيم بالبراعة والإتقان والتمكن الأدبي الواعي في معرفة التفاوت والتنوع في مستويات الحوار للشخصيات على حسب المستوى الاجتماعي والفكري.
وقد برزت مؤلفات توفيق الحكيم بأسلوبها الدقيق والمكثف والمليء بالمفردات والمعاني كما لها قدرة كبيرة على التصوير بدقة وتجسيد المشاهد بالحركات التمثيلية.
واتسمت أيضاً بعمق كبير وإيحاء واضح للجوانب الشعورية والانفعالات النفسية للأشخاص الموجودين في المسرحية أو الرواية.
واتّسمت أعماله بسلاسة اللغة، وتنوّعها في مجالي المسرحية والرواية، وانتشرت بشكلٍ واسعٍ جداً، وقد وصلت مؤلفاته إلى إحدى وثلاثين مسرحية، واثنتي عشرة رواية، وحوالي ثلاثين مؤلّفاً في المقالات، والأبحاث المجمّعة في كتب، ورغم الإنتاج الوفير لتوفيق الحكيم، إلّا أنّ عدد مسرحياته التي يُمكن تمثيلها على المسرح كانت قليلة جداً؛ فغالبيتها كُتبت لتُقرأ لا لتُمثّل.
ولا ترجع أهمية توفيق الحكيم إلى كونه صاحب أول مسرحية عربية ناضجة بالمعيار النقدي الحديث فحسب، وهي مسرحية "أهل الكهف"، وصاحب أول رواية بذلك المعنى المفهوم للرواية الحديثة وهي رواية "عودة الروح"، اللتان نشرتا عام (1350 هـ -1932م)، وإنما ترجع أهميته أيضا إلى كونه أول مؤلف إبداعي استلهم في أعماله المسرحية الروائية موضوعات مستمدة من التراث المصري.
وقد استلهم هذا التراث عبر عصوره المختلفة، سواء كانت فرعونية أو رومانية أو قبطية أو إسلامية، كما أنه استمد أيضا شخصياته وقضاياه المسرحية والروائية من الواقع الاجتماعي والسياسي والثقافي المعاصر لأمته.
سمات أسلوب توفيق الحكيم:
كان الأسلوب الكتابيّ لتوفيق الحكيم يجمعُ بين الطّابع الرّمزيّ الدّلاليّ والطّابع الواقعيّ، وتمثّل ذلك باستعمال الخيالات والتّعمقّ في الأفكار، لكنْ دون استخدام أساليب التّعقيد والغموض، وكانت مسرحيّات الحكيم تأخذ هذا المنحى في الكتابة فكان طرحه مُميّزاً وفريداً بطابعه الخاصّ، بالإضافة إلى أنّ الرّموز التي كان يقوم باستخدامها لم تكن تحمل في طيّاتها معاني التّعمق في الغموض أو المُبالغة فهي واضحة وبسيطة، ومن الجدير بالذِّكر أنّه عمد في خلال كتابته لقصّة "عودة الرّوح" إلى خلط التّاريخ الذي تمرّ به مِصر بالأحداث التي عاشها مُنذ طفولته وفي صباه، فكان يُقدِّم هذه الأحداث في قالب الواقع والرّمز معاً وعلى نحو فريد.
مراحل الكتابة عند الحكيم:
مرت كتاباته بثلاث مراحل، اتسمت الأولى - حسب بعض النقاد - بشيء من الاضطراب، وفيها كتب مسرحية "أهل الكهف"، وقصة "عصفور من الشرق"، و"عودة الروح".
وفي الثانية تمكن من الأداة اللغوية، وفيها كتب "شهرزاد"، و"الخروج من الجنة"، و"رصاصة في القلب"، و"الزمار".
وأما المرحلة الثالثة فاتسمت بتطور الكتابة الفنية، التي عكست قدرته علي صياغة الأفكار والمعاني بصورة جيدة، وفيها ظهرت مسرحيات "سر المنتحر"، و"نهر الجنون"، و"سلطان الظلام".
وفاته:
توفي توفيق الحكيم يوم 26 يوليو/ تموز 1987 في القاهرة عن عمر يناهز 89 عاماً.
تعليقات
إرسال تعليق
Please do not enter any spam links in the comment box.