فتاة ينم مظهرها عن ورعها

لما انتهيت من أداء صلاة العصر رأيتها في المسجد بعد شهرين أو أكثر وهي تصلي، فظننت أنها هي الفتاة التي كان لي عهد بها فيما مضى من الأيام، ولكنني لم أكن متأكدا تمام التأكد، فانصرفت إلى شقتي، فأكد لي أحد زملائي في الشقة أنها هي التي كنت عهدتها من قبل. فما إن مست كلمات زميلي أذني حتى بدت لي الأيام الخالية بما فيها من أحداث تتعلق بها، وتذكرت كل ما كان قد أصبح من ذكريات الماضي المهجور، فالقصة هي أنني في يوم من الأيام وبعد أن فرغت من صلاة المغرب رأيت في الطابق الأول من المسجد فتاة تتوضأ وهي تخضع للحجاب تمام الخضوع وتوجه وجهها للجدار بحيث لا يمكن لأحد المارين بها أن يرى وجهها، فاستغربت من هذا المنظر كثيرا، وقلت في نفسي: "من هذه الفتاة؟ وما الذي تفعله هنا في المسجد؟" ثم تركتها وشأنها، وخرجت من المسجد. وبعد ذلك رأيتها تجلس بجانب المسجد تبيع بضائع مثل القلنسوة والمنديل وما إلى ذلك، فتأسفت على ذلك كثيرا; لا لأنها فتاة تضطر إلى الجلوس في الشارع لتكسب أقواتها وأقوات أسرتها، فإن هناك كثيرا من النساء والفتيات يجلسن في الشوارع ويكسبن أقواتهن وأقوات عائلاتهن، وإنما كنت أتاسف على أن فتاة ترتدي ...