قضايا المسلمين وحلولها

إذا أمعنا النظر في العالم أجمع برز لنا جلياً أن المسلمین يمرون اليوم بأقسى الظروف وأحرج الساعات التي لم يمروا بها من قبل.
مما لا ريب فيه أن المسلمين اليوم في عدد كبير في العالم، ولكنهم غثاء كغثاء السيل، والقوات المعادية للإسلام وأتباعه كاسرة أنيابها لتمزيق شملهم وتفكيك وحدتهم والقضاء على دين الحق الذي أرسله الله عز وجل ليظهره على الدين كله، كما قال تبارك وتعالى في كتابه الكريم: "هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون." (سورة الصف، الآية:9) وتسيء إلى سمعة الرسول صلى الله عليه وسلم الذي فيه أسوة حسنة للإنسانية جمعاء، كما قال الله عز وجل في كتابه المجيد: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيراً." (سورة الأحزاب، الآية:21) ولا تكف عن تشويه النبي صلى الله عليه وسلم الذي عده أحد الكتاب الغربيين المعروفين من المئات المختارين في تاريخ العالم، وتستغل لذلك الوسائل المختلفة الممكنة التي تقوم بأعظم دور مؤثر في الإساءة إليه، وتحاول لتشويه ماضي المسلمين الزاهر، ولا تزال تبذل قصارى جهودها في سبيل القضاء على الإسلام والمسلمين من وجه الأرض، وتدفعهم إلى قعر المذلة، وتمطر عليهم سهام الإرهاب لاجتثاث جذورهم وطمس مآثرهم من صفحات التاريخ.
ولكن من أشد الأسف أن المسلمين غافلون عما يتعرضون له، وتهافتوا على الدنيا تمام التهافت، ويظنون أنها تبقى لهم دائماً بزخارفها ولمعانها، ويتوزعون في فرق شتى، وليس لهم شغل إلا الأكل والشرب واللهو واللعب، ويتفاخرون فيما بينهم، ويتكاثرون في الأموال والأولاد، ولا يتألمون بألم إخوانهم وهتك أعراض أخواتهم، وما من مجال من مجالات الحياة إلا أنهم يتخالفون فيه، والتضامن الذي هو من شعائر الإسلام، قد فقدوه في حياتهم، ويقعون فريسة لألوان وأنواع من الخلافات التي فرقتهم في جماعات كل تفريق، حتى انقسموا في الطوائف والطبقات، ونسوا الآية التي بين لهم الله عز وجل فيها بغاية من الوضوح سبب جعلهم شعوباً وقبائل، كما قال عز وجل في كتابه الكريم: "يا أيها الناس! إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير." (سورة الحجرات، الآية:13)
وبالجملة فإن المسلمين لا يزدادون اليوم إلا ضعفاً، ولا يتقدمون إلا إلى الانحطاط والخذلان.
وإذا سرحنا الطرف إلى جانب آخر وجدنا أن فرقاً من المسلمين تبذر بذور الحقد والكراهية في نفوس عامة المسلمين باسم المذاهب والمسالك، فبعضهم يطلقون لقب المبتدعين على الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين الذين بشرهم الله عز وجل برضائه قائلاً في كتابه الكريم: رضي الله عنهم ورضوا عنه." (سورة التوبة، الآية:100)
وتوجد هنا جماعات من المسلمين تسب الأئمة المجتهدين الذين قدموا دين الإسلام للأمة الإسلامية بطريقة سهلة من خلال اجتهادهم في ضوء الكتاب والسنة، وفضائلهم أكثر من أن تعد وتحصى، وبعض المسلمين يحدثون في الإسلام ما ليس منه، ويقومون بما نهى عنه محمد صلى الله عليه وسلم من المنكرات، ويدعون أولياء من دون الله، ويعتقدون أنهم يملكون النفع والضر وأن لهم سلطة منح الرزق والأولاد، ويقولون: "ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى." (سورة الزمر، الآية:3) ولكن قد غاب عن بالهم أن السجدة لغير الله لا تجوز في أي حال من الأحوال وفي أي شكل من الأشكال; لأنها أعلى مظاهر التعبد والتذلل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك." (رواه مسلم) وقال عليه الصلاة والسلام في مكان آخر: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد." (رواه البخاري ومسلم)
وإذا فكرنا في الأسباب وتأملنا في الظروف القاسية بدا لنا جلياً أن هذه الأحداث ما ظهرت إلا بما كسبت أيدينا من بعدنا عن تعاليم الدين والعدول عن الجادة وانعدام روح التضامن فيما بيننا.
فإن الحاجة تمس إلى أن ننشر الإسلام وتعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم، ونبلغها إلى أنحاء العالم شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً كي يتعارف الناس عن حقائق الإسلام، ويفهموا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الكلمة، ونتمسكَ بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونعمل بـ "بلغوا عني ولو آية." (رواه البخاري) ونتوحدَ، ونجتمع على رصيف واحد، ولا نتفرق، ونعتصم بحبل الله، ونكون يداً واحدة وجسداً واحداً،  وإن فعلنا ذلك فليس ببعيد أن نحكم لا في هذه البلاد فحسب، بل وفي كل ناحية من نواحي العالم بإذن الله، كما حكمنا من قبل أكثر من تسعة قرون بالعدل والقسط.

فيروس كورونا
المسلمون في الهند وقضيتهم الاقتصادية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حیاتِ متنبی اور اُس کی شاعری

مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية

أبيات بشار بن برد في الشورى والجد والمعاشرة