الزلزال العنيف (الهزة الأرضية)

كتبت هذا المقال مرتجلاً في قاعة الامتحان في ورقة التعبير يوم الأربعاء في 27 من شهر مايو عام 2015م.
وإن لم أكن أستطيع لسوء حظي أن أعيد هنا حرفاً حرفاً كل ما كتبته في قاعة الامتحان إلا أني حاولت قدر وسعي، والله هو الموفق، وبه أستعين.
في يوم من الأيام بينما أنا في السنة الثانية من الدراسات العالية بكلية الدعوة والإعلام في دار العلوم ندوة العلماء، لكناؤ (الهند) أستمع إلى درس الأستاذ المفتي "رحمت الله" النيبالي الندوي، وقع نظري على طالب اسمه "محمد عاقب"، يلتفت يميناً وشمالاً، فقلت في نفسي: "ما لهذا الطالب ينظر إلى يمينه وشماله خائفاً مذعوراً؟" وبينا أنا في تردد إذ صاح بصوته الجهوري: "يا أستاذي الكريم! الزلزال! الزلزال!" فما إن مست كلمات الطالب آذان الطلبة حتى لاذوا بالفرار إلى الميدان، وأنا أيضاً كنت في عداد الفارين; لأن هذا الحادث قد ملأ قلبي خوفاً وذعراً ورعباً، ولما سكن الزلزال رجعنا جميعاً إلى الفصل الدراسي، وجعل الحوار يجري بيننا عن الزلزال، وبينما نحن نتبادل الحديث ونتناقل الحوار إذ زلزلت الأرض ثانية، ففر جميع الطلبة إلى الميدان، فقلت لنفسي: "إن الطلبة يفرون إلى الميدان، أفأمنوا أن تنشق الأرض ويخسف الله بهم الأرض؟"
وبعد ذلك لجأ عدد كبير من الطلبة إلى المسجد يتوبون إلى الله توبة نصوحاً، ويستغفرونه مما تقدم من ذنوبهم، بينما توجه بعضهم نحو حجراتهم.
ولما نودي لصلاة الظهر رأيت أول مرة في حياتي أن مسجد ندوة العلماء يموج ويكتظ بالمصلين قبل أن تقوم الصلاة، فقلت في نفسي: "إن جميع الأساتذة يذوبون شوقاً إلى أن يحافظ الطلبة جميعاً على الصلوات الخمس وخاصة على الصلاة الوسطى ولكنهم لا يجدون إلى ذلك سبيلاً، ولكن الله تبارك وتعالى قد ساقهم إلى المسجد بهزتين أرضيتين."
وبعد ذلك صلى بالناس الأستاذُ "محمد فرمان" النيبالي الندوي، فلما فرغ من الصلاة دعا الله دعاء طويلاً، فخشع وتضرع، وأمن الناس كلهم على دعائه.
وقد سمعت بعض الطلاب النيباليين يقولون: "إن ضحايا الزلزال قد بلغت إلى عدد كبير، وقد انهدمت في هذا الحادث كثير من البيوت والمنازل والدكاكين والمعابد بالإضافة إلى الأماكن الأثرية." 
وقد سمعت بعض الأساتذة يقولون: "إن السبب الرئيسي لهذا الزلزال هو شيوع المعاصي والفواحش والمنكرات، وكثرة الزنا وشرب الخمر."
وقد سمعت كذلك بعض الطلاب النيباليين يقولون: "إنك تستطيع أن تجد النساء للزنا في نيبال بعشرين روبية فقط."
وبعد ذلك أعيدت عقارب الساعة إلى الوراء، وعاد الوضع كما كان، ولكن بعض الطلبة لا يزالون يشعرون بالزلزال في أذهانهم لما ترك في نفوسهم من أثر بالغ عميق.

أليس هذا اعتداءً؟ 
جمعية النادي العربي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حیاتِ متنبی اور اُس کی شاعری

مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية

أبيات بشار بن برد في الشورى والجد والمعاشرة