المسلمون في الهند وقضيتهم الاقتصادية
إن المسلمين في الهند يتعرضون اليوم لأزمات كثيرة وقضايا متنوعة، ومن أعظم قضاياهم أنهم ينحدرون اقتصادياً في البلاد، فهناك بعض الناس ممن يزعمون أن السبب الرئيسي في انحطاط المسلمين في المجال الاقتصادي هو عدم عناية الحكومة بهم، ولكن الحقيقة في الواقع خلاف ذلك، والسبب الأساسي في ذلك أيضاً يرجع إلى المسلمین أنفسهم، وهو أنه قد تطرق إلى نفوسهم حب الكسل والتهاون، وتسرب إلى أذهانهم الميل إلى الدعة والراحة، وقد أصبحوا يتيهون في أحلام ويتمنون أن يبلغوا إلى أوج الرقي والازدهار.
ولكنهم لا يجهدون أجسامهم ولا يبذلون جهودهم الجبارة في سبيل تحقيق أمانيهم ومطالبهم، بل يقدمون في ذلك نموذجاً عملياً لقوم موسى عليه السلام الذين قالوا له: "فاذهب أنت وربك فقاتلا، إنا ههنا قاعدون." (سورة المائدة، الآية:24) ثم بعد ذلك يندبون سوء حظهم، ويرمون الحكومة بعدم عنايتها بهم، وينسون ما قاله الله عز وجل في كتابه الكريم: "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى." (سورة النجم، الآية:39) مع أنهم يعلمون أن ذلك من سنة الله في الأرض، "ولن تجد لسنة الله تبديلاً." (سورة فاطر، الآية:43)
والتاريخ خير شاهد على أن "من جد وجد." وصفحات التاريخ أيضاً حافلة ومليئة بأمثلة من ذلك، وفي الظروف الراهنة أيضاً يوجد بعض نوابغ المسلمین ممن كرسوا مجهوداتهم المكثفة، وأنهكوا قواهم، وكسبوا النبوغ والبراعة في مجال التعليم، فظفروا بكل ما شاؤوا، وشغلوا مناصب كبيرة في الحكومة، وتقدموا في المجال الاقتصادي.
وأخص بالذكر هنا من بين هؤلاء العباقرة في هذا المجال رجلين فحسب، أولهما: الدكتور "إي بي جي عبد الكلام" رئيس جمهورية الهند الأسبق الذي استأثرت به رحمة الله عز وجل قبل عدة أشهر، والثاني: الدكتور "محمد حامد الأنصاري" نائب رئيس الهند الحالي، أليسا من المسلمين؟ ألم يتقدما تقدماً كبيراً في المجال الاقتصادي؟ لِمَ لَمْ تحل الحكومة بينهما وبين رقيهما؟
هذا في جانب، وفي جانب آخر يوجد بعض المسلمين ممن يمتلكون المال والثروة، ويتخذون التجارة وسيلة لكسب المعيشة، ولكنهم أيضاً يقعون فريسة الانحطاط في المجال الاقتصادي، وذلك لأنهم يقلدون الغرب في تجارتهم، ويأخذون منه الأصول التجارية بغض النظر عن الأصول التجارية الإسلامية التي جاءت في الكتاب والسنة، فكيف يُبارك لهم في تجارتهم؟ وكيف يمكنهم الرقي والازدهار في المجال الاقتصادي؟
فإن كان المسلمون يريدون التقدم والتطور في المجال الاقتصادي عن طريق التعليم فعليهم أن يحلوا أنفسهم بحلية العلم والمعرفة، ولا يدخروا أي وسع وجهد في التعمق والتبحر فيه.
وإن كانوا يريدون أن يتخذوا التجارة وسيلة لإصلاح شؤونهم الاقتصادية فعليهم أن يتجروا في ضوء المبادئ التي أرشدنا إليها محمد صلى الله عليه وسلم في التجارة دون الأصول التجارية المستوردة من الغرب.
تعليقات
إرسال تعليق
Please do not enter any spam links in the comment box.