تلخيص القميص الأحمر
وخلاصة هذا الدرس أن المنصور خرج في ليلة يوم من الأيام للطواف ببيت الله عز وجل، فسمع رجلاً يرفع الشكاوى إلى الله عز وجل ضد البغي والفساد في الأرض، وضد الطمَع الذي حال بين الحق وأهله، فتملك المنصورَ القلقُ والاضطراب، واستدعى فوراً ذلك الرجل، ثم سأله قائلاً: "ما هذه الشكاوى التي كنت ترفعها إلى الله عز وجل؟" فقال رداً على سؤاله: "يا أمير المؤمنين! أنت الذي تسبب البغي والفساد في الأرض، وأنت الذي تطرق إليه الطمَعُ; لأن الله عز وجل ألقى مسؤولية أمرِ عباده وأموالِهم على كواهلك، فاتخذت أمورهم وراءك ظهرياً، وركزت جميع عناياتك على جمع أموالهم، وحبست نفسك عنهم، وأصدرت أمراً بعدم دخولهم عليك، باستثناء عدد قليل منهم ممن مكّنتَه من التقرب إليك.
فلما رآى هؤلاء النفر من المقربين إليك، حالتَك هذه، أصبحوا لا يُوصِلون إليك مما يحصل في مملكتك إلا ما أرادوا، ولا يسمحون لأحد من المُتَظَلِّمين والضعفاء اقتصادياً برفع قضاياه إليك، وإذا تجرّأ أحد منهم على رفع شكاواه إليك عندما تظهر أمام الناس، أوسَعُوه ضرباً مُبَرِّحاً على مرأى ومسمع منك وأنت لا تفوه بكلمة واحدة."
ثم ذكر ذلك الرجل للمنصور شُحَّ نفسه ورأفةَ ملِك الصين بالمشركين الذي أصدر حكماً - بعد أن فقد سمعه - بتخصيص ثوب أحمرَ للمُتَظَلِّمين من رعيته، ليكون قادراً على رؤيتهم وحل مشاكلهم بنفسه، ثم قلّل ذلك الرجل من أهمية المال في أعين المنصور، وذكّره يومَ الحساب، وأوصاه بتقوى الله عز وجل، وخَوَّفه من عذابه الأليم، فلما انتهى من كلامه حزِن المنصور حُزناً شديداً حتى فاضت عيناه من الدمع، ووَدَّ لو أنه لم يُخلق.
وبعد ذلك نصح ذلك الرجلُ المنصورَ باختيار سادة القوم كبطانة له، وفتحِ الباب لعامة الناس، ونصرِ المظلوم، وقمعِ الظالم، وقَسمِ الفيء والصدقات بالحق والعدل على أهلها، ثم مضى في سبيله.
تلخيص بين قاضٍ وَقور وذباب جسُور
تلخيص بين قاضٍ وَقور وذباب جسُور
تعليقات
إرسال تعليق
Please do not enter any spam links in the comment box.