الولد الطماع


كان حامد وخالد توأمين متطابقين، ولقد كانا متطابقين لدرجة أن والدتهما أيضا وجدت صعوبة في تمييز أحدهما عن الآخر، وخاصة خلال أيامهما الأولى على الأرض.
ومع ذلك فإن كل واحد منهما كان يختلف تماما عن الآخر عندما كان الأمر يتعلق بأي شيء سوى مظهرهما، فلم يكن لحامد أصدقاء بينما كان خالد يصادق بكثرة كاثرة، وكان حامد يحب الحلويات ولكن خالدا كان يحب الطعام كثير التوابل ويكره الحلويات، وكان حامد محبوبا لدى أمه فيما كان خالد محببا إلى أبيه، وكان حامد كريما وغير أناني بينما كان خالد طماعا وأنانيا. 
فلما نشأ حامد وخالد وترعرعا أراد والدهما تقسيم ثروته بينهما بالتساوي، ولكن خالدا لم يتفق على ذلك، وجادل في أن الذي يثبت أنه أذكى وأقوى، سيحصل على نصيب أكبر من الثروة.
فاتفق حامد معه على رأيه، وقرر والدهما تنظيم مسابقة بين الاثنين، وطلب من ولديه أن يمشيا قدر ما يستطيعان، ويعودا إلى المنزل قبل غروب الشمس، قائلا: إن الثروة ستقسم بحسب ما يقطع كل واحد منكما من المسافة، ولم يسمح لهما - كقاعدة للمسابقة - بحمل ساعة لتتبع الوقت.


ففي اليوم التالي شرع حامد وخالد في المشي، وكان اليوم يوما مشمسا إلى حد ما، فسار حامد ببطء وثبات بينما اقتحم خالد في سباق سريع، حيث كان مصمما على الفوز بالسباق وكسب جزء أكبر من ثروة والده.
وكان حامد يعلم أنه سيكون من الأفضل أن يمشي إلى أقصى حد ممكن حتى الظهر، ثم يبدأَ بالعودة إلى المنزل ظهرا حيث سيستغرق الأمر نفس القدر من الوقت في العودة إلى المنزل، فقرر حامد العودة إلى المنزل ظهرا حتى يصل إلى المنزل في الوقت المحدد، ولكن خالدا - بطمعه لكسب المزيد من الثروة - لم يحاول العودة إلى المنزل حتى بعد منتصف الظهيرة، ومشى ضعف ما مشى حامد، واعتقد أنه لا يزال بإمكانه العودة إلى المنزل قبل غروب الشمس، وعاد بسرعة إلى الوراء عندما رأى الشمس تتحول إلى اللون البرتقالي، ولكنه - لسوء الحظ - لم يستطع العودة إلى منتصف الطريق حتى بدأت الشمس تغرب، وغمر الظلام طريقه ببطء، واضطر إلى جر قدميه المتعبتين إلى المنزل.
ولقد خسر السباق بسبب طمعه فقط، فالطمع يؤدي إلى الخسارة.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حیاتِ متنبی اور اُس کی شاعری

مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية

أبيات بشار بن برد في الشورى والجد والمعاشرة