حجاب النساء، قاسم أمين


أقدم في هذه المدونة بعض الاقتباسات التي اقتبستها من فصل "حجاب النساء" في كتاب "تحرير المرأة. 

خولت الشريعة للمرأة ما للرجل من الحقوق، وألقت عليها تَبعة أعمالها المدنية والجنائية؛ فللمرأة الحق في إدارة أموالها والتصرف فيها بنفسها.

كيف يمكن لرجل أن يتعاقد معها من غير أن يراها ويتحقَّق شخصيتها؟

كيف يمكن لامرأة محجوبة أن تتخذ صناعة أو تجارة للتعيش منها إن كانت فقيرة؟

كيف يمكن لخادمة محجوبة أن تقوم بخدمة بمنزل فيه رجال؟

كيف يمكن لتاجرة محجوبة أن تدير تجارتها بين الرجال؟

كيف يتسنى لزارعة محجوبة أن تفلح أرضها وتحصد زرعها؟

كيف يمكن لعاملة محجوبة أن تباشر عملها إذا أجرت نفسها للعمل في بناء بيت أو نحوه؟

لِمَ لَمْ تؤمر الرجال بالتبرقع وستر وجوههم عن النساء إذا خافوا الفتنة عليهن؟

البرقع والنقاب مما يزيد في خوف الفتنة.

هذان الساتران يُعَدَّان في الحقيقة من الزينة التي تحث رغبة الناظر.

ليست أسباب الفتنة ما يبدو من أعضاء المرأة الظاهرة، بل من أهم أسبابها ما يصدر عنها من الحركات في أثناء مشيها، وما يبدو من الأفاعيل التي ترشد عما في نفسها.

الحق أن الانتقاب والتبرقع ليسا من المشروعات الإسلاميَّـة لا للتعبُّد ولا للأدب بل هما من العادات القديمة السابقة على الإسلام والباقية بعده.

إنما من مشروعات الإسلام ضرب الخمر على الجيوب، كما هو صريح الآية، وليس في ذلك شيء من التبرقع والانتقاب.

الحجاب على ما ألفناه مانع عظيم يحول بين المرأة وارتقائها؛ وبذلك يحول بين الأمة وتقدمها.

من أكبر أسباب ضعف الأمة حرمانها من أعمال النساء.

تربية الطفل لا تصلح إلا إذا كانت أمه مرباة.

تأثير الأم في تربية الطفل بعد ولادته أعظم من تأثير أبيه.

تربية الأم نفسها لا يمكن أن تتم إذا استمر حجاب النساء على ما هو عليه الآن.

إذا أخذنا بنتا وعلَّمناها كل ما يتعلَّمه الصبي في المدارس الابتدائية، وربَّيناها على أخلاق حميدة، ثم قصرناها في البيت ومنعناها عن مخالطة الرجال فلا شك أنها تنسى بالتدريج ما تعلمته وتتغير أخلاقها على غير شعور منها.

ربما يقال إن في طوع المرأة وإمكانها أن تستكمل تربيتها وتتم دراستها في بيتها، وهو وهم باطل.

الحجاب يحبس المرأة في دائرة ضيِّقة فلا ترى، ولا تسمع، ولا تعرف إلا ما يقع فيها من سفاسف الحوادث، ويحول بينها وبين العالم الحي.

لو أخذنا رجلا بلغ الأربعين من عمره، وحجبناه عن العالم، وألزمناه أن يعيش بين أربعة جدران وسط النساء والأطفال والخدم؛ لشعر بانحطاط تدريجي في قواه العقلية والأدبية، ولا بُد أن يأتي يوم يجد فيه نفسه مساويا لهم.

إن أكبر عامل له أثر في تكميلنا هو استمرار تعلمنا، وتربية عقولنا ونفوسنا استمرارا لا انقطاع منه.

في الحقيقة أن تربية الإنسان ليس لها سن معين تنقطع بعده ولا حد معروف تنتهي عنده؛ فهي لا تُنال بحفظ مقدار من العلوم والمعارف يجهد الإنسان نفسه في اكتسابه في سنين معدودة ثم يقضي حياته بعد ذلك في الراحة.

التربية ليست ذلك الشيء البسيط الذي يفهمه عامة الناس حيث يتصورون أنها عبارة عن تخزين كمية من المعارف المقررة في بروجرامات المدارس ثم امتحان ثم شهادة ليس بعدها إلا البطالة والجمود.

إنما التربية هي العمل المستمر الذي تتوسل به النفس إلى طلب الكمال من كل وجوهه، وهذا العمل لا بد منه في جميع أدوار الحياة حيث يبتدئ من يوم الولادة، ولا ينتهي إلا بالموت.

قد جرنا حبُّنا لحجاب النساء إلى إفساد صحتهن؛ فألزمناهن القعود في المساكن، وحرمناهن الهواء والشمس وسائر أنواع الرياضة البدنية والعقلية.

القول بأن الحجاب موجب العفَّة وعدمه مجلبة الفساد قول لا يمكن الاستدلال عليه.

الإطلاق أدنى بالنساء إلى العفَّة من الحجاب.

المرأة التي تخالط الرجال تكون أبعد عن الأفكار السيئة من المرأة المحجوبة.

الرجل الذي لم يتعود الاختلاط بالنساء إن لم يغلبه سلطان التهذيب القوي لا يملك نفسه إذا جلس بينهن، فلا تشبع عينه من النظر إليهن ومن التأمل في محاسنهن، وينسى في ذلك كل أدب ولياقة، وربما طلب الوسائل لملامستهن بيده أو مماستهن بكتفه، ويندفع إلى أقوال وأعمال تشمئز منها نفوس الحاضرين كأنه يظن — بل هو يظن بالفعل — أنه لا معنى لاجتماع الرجل مع المرأة في مكان واحد إلاَّ أن يتمتَّع كل منهما بشهوته مع الآخر.

الرجل الذي اعتاد على مخالطة النساء فإنه لا يكاد يجد في نفسه أثرا من رؤيتهن أكثر مما يجده عند رؤية الرجال، ولا يشعر بأدنى اضطراب في حواسه، ولا في مشاعره.

من ألزم لوازم الحجاب أنه يهيئ الذهن في الرجال وفي النساء معا لتخيل الشهوة بمجرد النظر أو سماع الصوت.

لا ريب أن استلفات الذهن دائما إلى اختلاف الصنف من أشد العوامل في إثارة الشهوة.

بديهي أن المرأة التي تحافظ على شرفها وعفَّتها، وتصون نفسها عما يوجب العار وهي مطلقة غير محجوبة لها من الفضل والأجر أضعاف ما يكون للمرأة المحجوبة.

العاقل يرى أن الاحتياط الذي يتَّخذه الرجال لصيانة النساء عندنا مهما بلغ من الدقَّة لا يفيد شيئا إن لم يصل الرجل إلى امتلاك قلب امرأة.

ماذا يفيد الرجل أن يملك جسم امرأته وحده إذا غاب عنه قلبها؟

سوء التربية هو الذي يسهل على امرأة ذات مكانة في بيتها وقومها أن تطيل نظرها إلى شاب يمر في طريقها.

سوء التربية هو الذي يدفع بها إلى الاتفاق معه على التلاقي بل والتواصل قبل أن يدور كلام بينه وبينها.

سوء التربية هو الذي يخرق كل حجاب ويفتح على المرأة من الفساد كل باب.

من كملت تربيته استقل بنفسه واستغنى عن غيره، ومن نقصت تربيته احتاج إلى الغير في كل أموره.

إن لكل نافع ضررا إذا أسيء استعماله.

إذا كان إجماعنا قد انعقد على أن لا خير للرجال في الجهل والاستعباد، وأن لا سبيل لهم إلى بلوغ درجات الفضل إلا بالعلم وحرية الفكر والعمل، فما لنا نختلف في هذه القضية نفسها إذا عرض ذكر المرأة؟

العفَّة أجمل شيء في المرأة وأبهى حلية تتحلى بها.

إنما الإفراط في الحجاب من الوسائل التي تبادر عقول السُذَّج وتركن إليها نفوسهم ولكنها يمجها كل عقل مهذب وكل شعور رقيق.

حجاب المرأة إعدام لشخصها.

علينا أن نجعل الصلة بيننا وبينهن صلة محبَّة ورحمة لا صلة إكراه وقسوة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حیاتِ متنبی اور اُس کی شاعری

مساهمة توفيق الحكيم في تطوير المسرحية

أبيات بشار بن برد في الشورى والجد والمعاشرة